jeudi 7 juin 2012

مهرجان كان ادولي "بعد الموقعة" ليسري نصر الله




الحدث بالنسبة للسينما العربية يتمثل قطعا في إدراج فلم يسري نصر الله في المسابقة الرسمية لمهرجان كان الدولي
عُرض الشريط يوم الإفتتاح على الساعة السابعة مساء بتوقيت فرنسا بقاعة "دوبوسي"، عرضٌ مخصص بالطبع للصحافة. كان الإقبال جيدا نظرا للمكانة التي يتمتع بها يسري نصر الله لدى متابعي الشأن السينمائيإن اللافت للإنتباه في "بعد الموقعةهو أولا الرغبة الجامحة التي تدفع العمل إلى الرواية كفضاء كان لا بد لنصر الله أن يمتحن فيها فرضيات فكرية وجمالية.
 تدور أحداث الشريط في الفترة الفاصلة بين مارس وأكتوبر2011 بالقاهرةوكان البعدُ السياسي محوريا خاصة أن الشخصيتين الرئيسيتين كانتا على طرفي نقيض في المواجهات التي عرفتها ساحة التحرير :فمن ناحية تبدو ريم (منة شلبيفتاةً مناضلةً مندفعة ضد نظام مبارك ومن ناحية أخرى كان محمود (باسم سمرةبلطجيا متورطا في واقعة الجملأن يبنيَ يسرى نصر الله حكايتَه على التقاء الشخصيتين فيه أكثر من معنى وذلك لأهمية الحدث إعلاميا ولرمزيتهفالواضح ان المخرج أراد أن يفكك بنية الصراع. التناقض صارخ بين الفتاة الجميلة والشجاعة التي تجسّد الحقيقة الثورية ومحمود الرجل العنيف الجاهل الذي يمثل أداة طيّـعة في يد أعداء الثورةهذا ما يُفهم في أول وهلة لكن المعالجة السينمائية تجعل المتفرجَ يكتشف شيئا فشيئا أبعادا أخرى لدى الشخصيتين تدفعهما بالضرورة إلى الإلتقاء. تسقط ريم في أحضان محمود بسرعة مدهشة في انعدام السببية الدرامية المعهودة فلا تُـفهم هذه اللحظة إلا بمرور الزمن وعلى ضوء مجرى الأحداث وما يدور بينهما من نقاشات. اللحظة الأولى لحظة تداخل لنصوص سينمائية تُـحيلنا على مخزون تاريخي تنطلق منه وتُـحرّكه، تنبع منه وتُـضفي عليه ديناميكيةَ المرحلةترجع بنا مقاربة يسري نصر الله إلى المقاربة التي توخاها شاهين في "العصفورلما فكك الروابط الخفية لحقيقة الهزيمة مع فارق هام وهو أن نصر الله أراد كشف مخاطر الرؤية السطحية للأحداث السائدة في الإعلام (من هنا جاء فحص الصور وإعادة قراءتها بالنسبة لريموالتي لا تخدم في الواقع إلا مصالح معينة يمثلها عبد الله.
فمن الناحية السينمائية خضعت الحكاية الغرامية لنواميس الفلم المصري العاطفي ذي البعد الإجتماعي وفي نفس الوقت جاء الشريط في شكل طبقات تحمل في خفاياها أفكارا في غاية من الأهمية، أفكار تسائل تعقيدَ الذات البشريةفأين الخيط الفاصل بين الرغبة العاطفية التي تدفع المرأة نحو الرجل وبصفة أعم الإنسان نحو الإنسان والطموح الفكري إلى التحرر والإنعتاق؟ إن لجوء يسري نصر الله لللّغة السينمائية وأسرارها ليست إلا طريقا لفهم هذه الإشكاليةلذلك تحتل الصورة (أعني الصورة داخل الصورة) مكانة جوهرية في الشريط كما سبق ان ذكرناتعيد ريم مشاهدة الصور المأخوذة عن واقعة الجمل للتّـأكد من أمرهاشأننا نحن المتفرجين كشأن أهل الحي الذي يقطنه محمود وكشأن صديقات ريم نتلقّى صورٍا مركّبة لانفهمها إلا كما شاء أصحابُـها أن تُـفهم وعلينا تفكيكها بإيعاز من ريم لنتبين حقيقة الأمر.
"بعد الموقعةفلم سوف يسيل الكثير من الحبر ويثير الجدل في مصر وفي غيرها من البلاد العربية حول معنى الأحداث التي نعيشها وحول ما يمكن للسينما أن تقوم به لإعانتنا عل فهمه.

الطاهر الشيخاوي
الخميس 7 جوان 2012



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire